بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم ، اَلْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ عَلَى اَشْرَفِ الْمُرْسَلِينْ ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينْ ، اَمَّا بَعْد…
إِخْوَةَ الْاِيمَانِ وَالْإِسْلاَم !!
وَفِي هذٍهِ الْمُنَاسَبَةِ الْمَيْمُونَةِ الَّتِي نَحْتَفِلُ بِمَوْلِدِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى الله ُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَرْجُو أَنْ أُلْقِيَ أَمَامَكُمْ بِضْعَ كَلِمَاتٍ حَوْلَ مَحَبَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى الله ُ عَلَيْهِ وَسَلَّم..
اَيُّهَا السَّادَة الكِرَام!!
إِنَّ مَحَبَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى الله ُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وَاجِبٌ شَرَعِيٌ ثَابِتٌ بِعَدِيدٍ مِنَ الْأَدِلَّةِ الْقُرْآنِيَّةِ وَالْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ الشَّرِيفَةِ ، يَقُولُ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي مُحْكَمِ تَنْزِيلِهِ : (( لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ * فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ)).
وَمِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى وُجُوبِ مَحَبَّةِ الرَّسُولِ صَلَّى الله ُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قَوْلُهُ تَعَالَى : (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رحيمٌ ). وَهَاتَانِ الْآيَتَانِ خَيْرُ دَلِيلٍ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ مَحَبَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى الله ُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وَوُجُوبِهَا عَلَى الْأُمَّةِ المُحَمَّدِيَّة ، كَمَا أَنَّ هُنَاكَ عِدَّةُ أَحَادِيثَ دَالَّةٌ عَلَى وُجُوبِ مَحَبَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى الله ُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ، يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى الله ُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ الْإِمَامُ الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ الله : (لا يُؤمِنُ أحدُكم حتى أكونَ أحبَّ إليهِ من والدِه وولدِه والناسِ أجمعينَ) .
وَكَانَ الصَّحَابَةُ رِضْوَانُ اللهِ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينْ أَشَدَّ النَّاسِ مَحَبَّةً لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله ُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ، وَقَدْ سُئِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِين عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ : كَيْفَ كَانَ حُبُّكُمْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى الله ُ عَلَيْهِ وَسَلَّم؟ ، فَقَالَ : ( وَاللهِ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله ُ عَلَيْهِ وَسَلَّم كَانَ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنْ آبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَفَلْذَاتِ أَكْبَادِنَا ، وَكَانَ أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ عَلَى الظَّمَأ) ، بَلْ كَانَ صَلَّى الله ُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَا قَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّاب رَضِيَ اللهُ عنه : (يَا رَسُولَ اللهِ لَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كُلِّ شَيْئٍ إِلاَّ نَفْسِي ، فَقَالَ النَّبِيُّ ” لاَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ ” فَقَالَ لَهُ عُمَر: ” فَإِنَّهُ الْآنَ وَاللهِ لَـأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي ” فَقَالَ صَلَّى الله ُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ” الآنَ يَا عُمَرُ”
وَقَدِ انْتَشَرَ هَذَا الْحُبُّ بَيْنَ صُفُوفِ الصَّحَابَةِ وَأَصْبَحَ عَلاَمَةً بَارِزَةً وَصِفَةً مَشْهُورَةً فِيهِمْ وَقَدْ شَهِدَ بِذَلِكَ الْحُبِّ زَعِيمُ مَكَّة ـ أَبُو سُفْيَانُ بْنُ حَرْب ـ قَبْلَ إسْلاَمِهِ حِينَمَا كَانَ عَدُوًّا لَدُودًا لِلْإسْلاَمِ وَالْمُسْلِمِينْ ، حَتَّى قَالَ كَلِمَتَهُ الْمَشْهُورَة ” وَاللهِ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا يُحِبُّ أَحَدًا كَحُبِّ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ مُحَمَّدًا” .
وَكذَلِكَ كَانَ سَيِّدُنَا خُبَيْبُ بْنُ عَدِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ بِكُلِّ قُوَّةٍ وَرُسُوخٍ حِينَمَا سَأَلَتْهُ القُرَيْشُ وَهُمْ يُرِيدُونَ قَتْلَهُ ” أَتُحِبُّ أَنْ يَكُونَ مُحَمَّدًا مَكَانَكَ وَأَنْتَ نَاجٍ؟ (وَاللهِ مَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ آمِنًا وَادِعًا فِي أَهْلِي وَوَلَدِي وَأَنَّ مُحَمَّدًا يُوخَزُ بِشَوْكَةٍ).
هَذِهِ نَمَاذِجٌ مِنْ قِصَصِ الصَّحَابَةِ الْكِرَامِ رِضْوَانُ اللهِ تَعاَلَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينْ فِي حُبِّ النَّبِيِّ النَّبِيِّ صَلَّى الله ُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ، وَهُنَاكَ عَدِيدٌ مِنْ أَمْثَالِ هَذِهِ الْوَاقِعَات ، وَلِئَلاَّ أُطَوِّلَ عَلَيْكُمْ أَكْتَفِي بِهذَا دَاعِيًا اللهَ عَزَّوَجَلَّ أَنْ يَجْعَلَ مَحَبَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى الله ُ عَلَيْهِ وَسَلَّم شِيمَةً رَاسِخَةً فِي نُفُوسِنَا وَأَنْ يَجْعَلَنَا مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِينْ ، وَصَلَّى الله وَسَلَّمَ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أجْمَعِينْ ، وَالسَّلاَمُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرِكَاتُهُ.